أوّل مرّة،ياحبيبي؛ ولدتُ في فصل الخريف، في العام الذي توفيّت فيه أمّ كلثوم وهذه حقيقة.
ولكن في روايةٍ أخرى ،ياحبيبي، أنا وُلِدتُ مرّتين.
دعني أتساءل ..
لا، لا، لا تُجبني واتركني في حالة التّساؤل..... تُرى أيّهما أكثر بهاءً، امرأة ترقص لعينيك أنت، من بين كلّ الحاضرين؛ أو امرأة تنتظر منك كلّ، كلّ، كلّ شئ..... وحتّى بعد كلّ شئ، تجدها تخطئ عفواً أو عمداً في أبجديات الكتابة وفي كلّ الحركات والشّدّات والهمزات والفواصل؟
لماذا عليّ أن أمزج بين عيد الأمّ والوطن لماذا؟..... لا تجبني ودعني على عتبة البحث، لأنّهم قالوا لنا أنّ نزار قبّاني مزج، في تجربته الشعريّة، حبّ المرأة بحبّ الوطن؟؟
لماذا لم تقرأ شهادة ميلادي الثانية؟؟؟ لقد كتبتُ فيها بخطّ يدي: كي تستطيع أن تحبّ أيّ شخص آخر عليك، أوّلاّ، أن تحبّ نفسك وتثق بها وتصدّقها، وفيما أنا أكتب بياناتي الشخصيّة رأيت لون الوجه: أنتَ، لون العينين: أنتَ، العلامات الفارقة: ورد جوري: لكَ ولكَ وحدك. فلمَ لمْ تزرع لي (بعدُ) شجرة فلّ على كفيّك لأتفيّأ بها، وأنت تعلم، في أعماقك تعلم كم جميلةٌ ظلال الفلّ ينبتُ في كفيّك..
دعني أفكّر بصوتٍ عالٍ ....
أميرٌ أنت في بالي، وتلّة بنفسجٍ تختبئ في كلّ همسةٍ تخبّئها لي حنجرتك،....(ربما كان عليّ أن أقول): جميلٌ أنت كالياسمين في بلادي، لكنّي لا آبه لمن يحاول قولبة مشاعري وسأكتب لك: حبيبي.... إنّي مازلت أنتظر بنفسجاتك ينهمرن على عطشي وهمساتك يورقن في كياني.....
أضحك؛ أبكي؛ أسبح( إنّي شخصٌ يخاف الماء!!!!)؛ أمارس الخوف والغضب والحياة.. وفي داخل كلّ هذا، أجدُني ما زلت بانتظارك.
تنتابني وعكة من الملل أحياناً ونوبة من البكاء؛ ممكن؛ وأكثر ما ينتابني هو زكام الترددّ... وكثيرٌ، كثيرٌ من الأعراض والمتلازمات الشّائعة عند أفراد الجنس البشري، ولكنّ هذا لايؤثر على مناعتي القويّة ضدّ سرطان اليأس.
اسمح لي بلحظة تداعٍ ....
عمري عشر سنواتٍ بطعم اللّوز المرّ؛ و بعد ذلك بعشر سنواتٍ أُخَرْ، قرأت في مكانٍ ما: (في قلب المرأة وحدها يمكن أن يجتمع القرنفل والّلوز المرّ).
أدور حول نفسي، سنين تمرّ، أبحث عن تقمّصٍ ما. نعم، نعم هي الكلمة المناسبة حيث لم تكن لي شخصيّة حقيقية، كنت شخصاً مبهوراً بتطبيق القواعد بهدف إثارة التّصفيق!! ثمّ عدت وقرأت في نفس المكان( إنّ الكأس لاتجتذبنا ما لم يشفّ بلّورها عن الخمر فيها) ومنذ ذلك الحين خلعتُ كلّ الأجنحة المتكسّرة، وأقلعت عن فكرة التقمّص، وكففت عن اصطياد المديح وهواية سماع التّصفيق، انتهيت أخيراً من الدّوران حول نفسي،(وفي هذه المعمعة، حيث أنّي مثل كلّ البشر، لا ينقصني الجحود، أقلعت أيضاً عن جبران خليل جبران وأجنحته المتكسّرة، نبيّه وضياعه)...............
وبدأ العمر في الخامسة والعشرين!!!
مريعٌ جداً أن تولد في الخامسة والعشرين( بواسطة أخطر عملية قيصرية في تاريخ البشرية) فقد كانت أفكاري أكبر بكثيرٍ من رأسي ومشاعري فضفاضة جدّاً على قلبي الصّغير، عدا عن كوني ولدتُ وأنا أعشق الغناء والرّقص، و(طبيبي) وكلّ الممرضات يجهلون الفنون القتالية التّي يغنّي فيها المحارب ويرقص؛ فما كان منّي، حين رأيت اتّساع دهشتهم، إلاّ أن لملمت قطعتين معدنيتين تسميّان معاً (مقص)؛ قطعتُ الوريد الأخير للسّبات والخوف، بدأت بالدندنة و(الحنجلة) وحين أطلقوني من غرفة التّخدير... أطلقت صوتي للمطر وذراعيّ لانتظارك، ودهشتي لشعور الطّفل الحقيقي في داخلي، وقرّرتُ الاحتفاظ به إلى الأبد.
دعني أكتب لك قصيدة .....
أكثر ما أحبّ في الرّجل ياحبيبي ؟؟
دفء صوته وجمالُ يديه..........
دعني أراوغ قليلاً ...
دعني أراوغ، فتحتَ جلدي هناك بعضٌ من دهاءْ، يحكّني دهاء الأنثى...
ربّما بعد معرفة اسمكَ، عليّ معرفة...ممممممم... (اسم الأب) ؟؟؟؟ ممممممم و( الشّهرة)؟؟؟؟ ومن بعدهما، دفءُ صوتك وجمالُ يديك......
--------------
من مدونة الأخت ورد الجوري