وديع الصافي رحل... تاركاً إرثاً خالداً مـن الألحان والأغنيات
(أ.ي) - غيّب الموت الفنان الكبير وعملاق الطرب في لبنان والعالم العربي وديع الصافي عن عمر ناهز الـ 92 عاما، وكان الفنان الصافي موجودا في منزل ولده طوني في المنصوية حين تعرض لوعكة صحية عند السابعة والنصف من مساء اليوم وعلى الفور تم نقله الى مستشفى "بيل فو" في المنصورية حيث فارق الحياة.
وستقام مراسم جنازة الفنان الكبير عند الرابعة من بعد ظهر الاثنين المقبل، في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت، على ان يتم تقبل التعازي قبل الدفن وبعده يوم الاثنين في صالون الكاتدرائية، ويومي الثلثاء والابعاء 15 و16 الجاري من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر وحتى السابعة مساء.
سليمان: اغنياته الوطنية صدى لعطائه
اعتبر الرئيس سليمان غياب الفنان الكبير وديع الصافي خسارة وطنية على مستوى الفن اللبناني التراثي الاصيل منوها بالمسيرة الطويلة للراحل الكبير الذي غنى لبنان وحمله في قلبه وعقله وضميره الى اصقاع الارض ولا تزال اغنياته الوطنية صدى لهذا العطاء من جيل الى جيل.
ميقاتي : عزاؤنا برحيل وديع الصافي انه حفر اسمه الى جانب الكبار
اكد الرئيس نجيب ميقاتي في كلمة لمناسبة غياب الفنان وديع الصافي انه برحيل وديع الصافي تغيب صورة من الفن اللبناني الاصيل ونفتقد صوتا لا يضاهيه جمال غنى لبنان باجمل ما كتب شعرا وموسيقى، فتحولت اغنياته اناشيد وطنية يحملها اللبنانيون معهم اينما حلوا كافضل تعبير عن جمالات وطننا واصالته وتاريخه.
وفي كل الظروف الصعبة التي مرت على وطننا كان وديع الصافي خير عضد للبنانيين، يقوي ايمانهم بوطنهم وتجذرهم بأرضهم. وعندما اضطرته ظروف الحرب الى الانتقال الى الخارج بقي صوته يصدح باغاني الوطن والارض والحب ايمانا منه بالدور الكبير المولج به في نشر اسم لبنان وصورته في العالم. عزاؤنا برحيله انه حفر اسمه الى جانب الكبار في هذا الوطن وفي العالم تاركا ارثا فنيا سيبقى زادا لاجيال وأجيال ومدرسة فنية اثبتت فرادتها وعمق اصالتها.
وختم ميقاتي كلمته، مقدما التعازي لكل افراد عائلة الصافي ومحبيه، وقال: نعزي انفسنا اننا خلقنا في زمن جميل كان وديع الصافي من علاماته الفارقة.
السنيورة: رحل آخر العمالقة
اعتبر رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أن رحيل الفنان المبدع وديع الصافي يمثل رحيل اخر العمالقة، وقال لقد ارتفعت هامة وديع الصافي الفنية فوق السحاب، وقد كان في فنه وابداعه شامخا كشموخ صنين وعظيما وساميا كسمو الارز.
واضاف السنيورة لقد ترك وديع الصافي إرثاً فنياً كبيراً تغرف منه الأجيال القادمة، وهو في إرثه سيظل حاضراً في ذاكرتنا وضميرنا، ويدفعنا أكثر من اي وقتٍ للتمسك بوطننا وقيمه في الحرية والإبداع، والإسهام في إثراء إنسانية الإنسان والمواطن.
جعجع: لن يرحل انما سيبقى خلود أرز لبنان
نعى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في بيان الفنان الراحل وديع الصافي، وجاء فيه: لحكمة، خلق الله الصوت محسوسا غير ملموس، لا يمس ولا يمكن التقاطه بيد، لان نفس الحرية فيه وروح الخلود؛ ولهذه الحكمة بالذات لن يرحل وديع الصافي انما سيبقى خلود أرز لبنان. نودع اليوم الوديع الذي حمل لبنان في قلبه واستقر على جباله كما النسور، لن ننسى ارتجاجات صوته داخلنا في الزمن الصعب، ولا تهدجات الصخور الباردة امام لبنان قطعة سماه، التي أدفأها حبا وقلبا، نم قرير العين يا وديع، فإن لبنان الذي احببت لن ينتهي، ومروان الذي خشيت رحيله سوف يبقى، و"نقدتين زغار" من عصفورك الحر سوف ينقدان دوما ذاكرتنا والارادة لنبقى ونستمر. من ابنائه وآل الصافي الكرام، أتقدم باسم القوات اللبنانية وباسمي بأخلص مشاعر العزاء، الا تغمده الله فسيح جنانه، وارحه مع الآباء والشهداء القديسين.
الداعوق: اختصر بفنه الراقي مسيرة الفن اللبناني وكان علامة فارقة في زمن الكبار
رثى وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق في بيان، الفنان الكبير وديع الصافي.
وقال: برحيله خسر لبنان عملاقا من عمالقة الفن الكبار. فعلى مدى عقود من الزمان ارتبط اسمه باسم لبنان "قطعة من سماء"، وجنة من "جنات عا مد النظر"، فأحبه، من بعد ربه، حبا لا مثيل له. وحمل وديع الصافي لبنان بصوته وقلبه إلى ابعد مدى، فكان صداه المدوي يتردد على كل شفة ولسان، حيث ما وجد لبناني في أقاصي المعمورة، داعيا المهاجرين إلى العودة "منبقى هون ما منترك جبلنا تراب الارز اغلى من الدهب".
أضاف: كان لجنوب لبنان، وهو احد ابنائه، مكانة خاصة في قلبه ولحنه وأغانيه، فأوكل بيوته الصامدة إلى الله ليحميها فكانت أغنية "الله معك يا بيت صامد في الجنوب" من أحب الأغاني على قلبه. ومن هياكل بعلبك، التي تنحني اليوم لغيابه، صدح صوته الذهبي، فشكل مع صباح وفيروز والرحابنة سمفونية الخلود، فأدخل بأنغامه العذبة وبصوته الفريد والشجي الفرحة إلى كل محبي الطرب الأصيل في لبنان والمهجر والعالم العربي.
وتابع: مع وديع الصافي، أصبح للميجانا والعتابا وابو الزلف نكهة خاصة، وأصبح معه للون قرميد البيوت الجبلية رونق مميز، وهو الذي لم ينس قرية لبنانية الا وذكرها في اغنية "جايين يا ارز الجبل جايين".
وأردف: وديع الصافي، الذي تشهد له أروقة الإذاعة اللبنانية واستوديوهاتها، منها انطلق واليها كان الحنين، اختصر بفنه الراقي مسيرة الفن اللبناني، وكان علامة فارقة في زمن الكبار.
وختم الداعوق: ودع الوديع لبنان، مرددا صلاته إلى الله ألا يتركه "للبوم والغربان". ونحن نقول في وداعه: إن الوطن الذي أعطى جبران ومخائيل نعيمه وسعيد عقل واسعد السبعلي وميشال طراد والرحابنة وفيروز وصباح وزكي ناصيف ونصري شمس الدين وشوشو ووديع الصافي لن تقوى عليه ابواب الجحيم.
دافيد عيسى طالب بحداد وطني: هيهات أن يأتي الزمان بمثله
دعا السيد دافيد عيسى الحكومة اللبنانية إلى إعلان يوم حداد وطني حداداً على رحيل الفنان الكبير وديع الصافي .
وأضاف عيسى، في تصريح له اليوم، خسر لبنان بوفاة العظيم وديع الصافي عملاقاً ومارداً هيهات أن يأتي الزمان بمثله . كان رمزاً بعنفوانه وشموخه ومع سقوط هذا الفارس عن صهوة جواده سقط من لبنان شلح من شلوح الارز وخسر لبنان خسارة لا تعوض .
وديع الصافي لم يكن فناناً وموسيقاراً فقط وإنما كان للبنان خير سفير في العالم ولا نغالي إن قلنا ان لبنان ووديع الصافي إسمان متلازمان .
وختم عيسى من المؤسف والمعيب والمهين للبنان أنه وحتى الساعة لم يصدر أي نعي رسمي عن الدولة لهذا المارد والعملاق الكبير فيما المضحك المبكي ان حكومات أغلبية الدول العربية اصدرت بيانات نعي وتعازي رسمية بإسم دولها .
إلى هذه الحكومة نقول إن لم تستحِ فافعلي ما شئتِ .
الاحرار: ارتفع ممجدا الخالق والارض
نعت أمانة الاعلام في حزب "الوطنيين الاحرار" وديع الصافي ابن نيحا الشوفية جارة أرز الباروك ورفيقة دير القمر كميل شمعون.
واصدرت بيانا جاء فيه: بعد مسيرة طويلة من العطاء رحل وديع الصافي صاحب الصوت الذي أخذ من صخور هذا الجبل صلابته ومن ترابه حنانه ومن أرزه شموخه، فارتفع ممجدا الخالق والارض والحبيب في سمفونية حب خالدة تعجز الفناء. سيبقى صوته صارخا في برية هذا العالم ، منشدا في أسفار الخلود قصيدة كتبها التاريخ ولحنتها الجغرافيا وفيها، أن هذا الجبل لم ولن يركع الا لخالقه.
جامعة الروح القدس نعت وديع الصافي
نعت الأمانة العامة لجامعة الروح القدس - الكسليك في بيان الفنان وديع الصافي، وجاء فيه: بكثير من الرجاء المسيحي، الراحل الكبير الدكتور وديع الصافي، الحائز على أول دكتوراه فخرية فيها. وهي ترفع الصلاة لأجل راحة نفسه ليواصل تسبيح الجلال الإلهي في السماء كما مجده على الأرض. وهي تعرب عن خالص تعازيها للعائلة والوطن. رحمه الله وأسكنه الملكوت السماوي.
نقابة الموسيقيين طالبت يوم حداد وطني
دعا رئيس وأعضاء مجلس نقابة الموسيقيين المحترفين في لبنان، رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الى إعلان يوم حداد وطني وفاء وتكريما لعملاق لبنان وديع الصافي.
الكونسرفتوار يقفل ابوابه الاثنين حدادا
نعى رئيس واعضاء مجلس ادارة المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفتوار) الفنان الكبير الدكتور وديع الصافي، سائلين الرب عز وجل ان يسكنه فسيح جنانه، ويلهم اهله ومحبيه الصبر والسلوان.
اشارة الى ان الكونسرفتوار اعلن اقفال فروعه كافة يوم الاثنين المقبل، حدادا على الراحل الكبير الفنان وديع الصافي.
سليمان اتصل معزيا برحيل وديع الصافي: فقدانه خسارة للوطن وكل بيت لبنانيتلقت عائلة الفنان الراحل وديع الصافي اتصالا هاتفيا من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قدم خلاله "تعازيه للعائلة بفقدان الفنان الكبير"، معربا عن "حزنه وألمه الكبيرين لرحيله"، معتبرا فقدانه "خسارة للوطن ولكل بيت لبناني، لأنه جسد بفنه الوطن بعزته وشموخه".
وكانت وفود المعزين أمت دارة الفنان الراحل في الحازمية، وعلى رأسها النائبان ناجي غاريوس وآلان عون، إضافة إلى وفد من بلدية بعلبك، وعدد كبير من الفنانين والمحبين والأقارب.
مراسم الجنازة
اشارة الى ان مراسم جنازة الفنان الكبير الصافي ستقام عند الثالثة من بعد ظهر الاثنين المقبل في 14 الحالي، في كاتدرائية مار جرجس وسط بيروت، على ان يتم تقبل التعازي يوم الاثنين قبل الدفن وبعده، في صالون الكاتدرائية، ويومي الثلاثاء والاربعاء 15 و16 الجاري من الساعة 11 قبل الظهر حتى 7 مساء.
منصور: اللبنانيون في القارات الخمس سيفتقدون الصافيرثى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور الفنان الكبير الراحل وديع الصافي، وقال ان "لبنان خسر برحيله هامة فنية كبيرة على المستويين الوطني والقومي، لعطاءاته الكثيرة لا سيما اغانيه الوطنية الخالدة.
فوديع الصافي، كما سيفتقده اللبنانيون في الداخل، سيفتقده اللبنانيون المنتشرون في القارات الخمس، حيث كان بالنسبة اليهم الصوت العذب والحنين والذكريات، وصلة وصلهم بلبنان، والمعبر عن مشاعرهم واحاسيسهم التي كان يحملها دائما معه الى وطنهم الام".
سلام اتصل بعائلة وديع الصافي معزيا برحيلهاتصل الرئيس المكلف تأليف الحكومة تمام سلام، بعائلة الفنان الراحل وديع الصافي، معزيا بوفاته. وأعرب لنجله جورج الصافي عن أصدق مشاعر العزاء بفقدان الفنان اللبناني والعربي الكبير.
السيرة الذاتية
ولد وديع فرنسيس المعروف بوديع الصافي في 1 تشرين الثاني 1921 في قرية نيحا الشوف وهو الابن الثاني في ترتيب العائلة المكونة من ثماني أولاد كان والده بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس، رقيب في الدرك اللبناني.
عاش وديع الصافي طفولة متواضعة يغلب عليها طابع الفقر والحرمان، في عام 1930، نزحت عائلته إلى بيروت ودخل وديع الصافي مدرسة دير المخلص الكاثوليكية، فكان الماروني الوحيد في جوقتها والمنشد الأوّل فيها. وبعدها بثلاث سنوات، إضطر للتوقّف عن الدراسة، لأن جو الموسيقى هو الذي كان يطغى على حياته من جهة، ولكي يساعد والده من جهة أخرى في إعالة العائلة.
لم يكن وديع الصافي قد اكمل بعد السنتين من عمره عندما اذهل خاله نمر العجيل بقوة صوته ونقاوته. وكان يطيب له ان يمسك بيده ويجول واياه في احياء بلدة نيحا . وعند سماع صياح الديك كان الطفل يتوقف لبرهة ويصيح بدوره مقلداً الديك ببراعة فيربت الخال على كتفه اعجاباً وهو يتمتم "مش معقول ولد بها العمر بيملك هالصوت".
وشاءت الصدف ان يردد العبارة نفسها الراحل محمد عبد الوهاب عندما سمعه يغني اوائل الخمسينات "ولو" المأخوذة من احد افلامه السينمائية وكان وديع يومها في ريعان الشباب. فشكلت هذه الاغنية علامة فارقة في مشواره الفني وتربع من خلالها على عرش الغناء العربي، لقب بصاحب الحنجرة الذهبية وقيل عنه في مصر مبتكر "المدرسة الصافية" (نسبة الى وديع الصافي) في الاغنية الشرقية. انهالت العروض على وديع لاحياء الحفلات وتمثيل الافلام وانقلبت حياته رأساً على عقب فصار ملك الغناء من دون منازع.
العتابا... الغزيّل... ابو الزلف وغيرها من اغاني الفولكلور اللبناني، كان ينشدها وديع بجدارة، فلفت انتباه زملائه واساتذته في مدرسة الضيعة "نيحا" تحت السنديانة وفي الهواء الطلق وبعدها في مدرسة الآباء المخلصين في بلدة جون.
اول اجر قيّم تقاضاه في بداية مشواره الفني كان ثماني ليرات ذهبية من الست نظيرة جنبلاط والدة الزعيم الدرزي الراحل كمال جنبلاط، وذلك لقاء غنائه لها وهي طريحة الفراش وكان يومها لا يتجاوز الحادية عشرة.
عام 1938 انتقلت عائلة فرنسيس الى بيروت وهناك لعبت الصدفة دورها، عندما دخل عليه شقيقه توفيق يحمل قصاصة ورق عن اعلان لمسابقة غنائية تنظمها اذاعة لبنان الرسمية والمعروفة حينذاك باذاعة الشرق الادنى.
شارك وديع في المسابقة ونال الجائزة الاولى في الغناء من بين اربعين متباريا ولشدة اعجاب لجنة التحكيم بصوته وبمقدمهم رئيسها اميل خباط طلبت منه الانتساب رسمياً الى الاذاعة واطلقت عليه اسم وديع الصافي بدل وديع فرنسيس. استطاع الصافي وفي فترة قصيرة ابراز موهبته على افضل وجه، وكانت اول اغنية فردية له بعنوان "يا مرسال النغم" وهو لا ينسى اليوم الذي اضطر فيه ان يحل مكان احد الشيوخ ليؤذن لصلاة العصر، وانهالت بعدها الاتصالات والرسائل على الاذاعة تسأل من هو هذا الشيخ صاحب هذا الصوت الشجي؟.
وكانت اللجنة الفاحصة مؤلّفة من ميشال خياط، سليم الحلو، ألبير ديب ومحيي الدين سلام، الذين اتفقوا على اختيار اسم "وديع الصافي" كاسم فني له، نظرًا لصفاء صوته. فكانت إذاعة الشرق الأدنى، بمثابة معهد موسيقي تتلّمذ وديع فيه على يد ميشال خياط وسليم الحلو، الذين كان لهما الأثر الكبير في تكوين شخصيّته الفنية. بدأت مسيرته الفنية بشق طريق للأغنية اللبنانية، التي كانت ترتسم ملامحها مع بعض المحاولات الخجولة قبل الصافي، عن طريق إبراز هويتها وتركيزها على مواضيع لبنانية وحياتية ومعيشية. ولعب الشاعر أسعد السبعلي دورًا مهمًّا في تبلّور الأغنية الصافيّة. فكانت البداية مع "طل الصباح وتكتك العصفور" سنة 1940.
لم تتسع بيروت للمطرب الصغير الباحث عن الافضل، فسافر اكثر من مرة بحثاً عن لقمة العيش وكانت بدايته مع احد متعهدي الحفلات من آل كريدي، وذلك اثناء الحرب العالمية الثانية عندما اختاره ليقوم بجولة فنية في دول اميركا اللاتينية المزدهرة حينها بالصناعة والزراعة. استقر في البرازيل ثم عاد الى لبنان ليكتشف ان الاغنية اللبنانية ما زالت في بداياتها لولوج العالم العربي. وعندما عرف بالنجاح الكبير الذي حققته اغنية الراحل فريد الاطرش في تلك الاثناء "يا عوازل فلفلو" قرر ان يغامر باغنية جديدة من نوعها بعنوان "عاللوما". ذاع صيت وديع الصافي بسبب هذه الاغنية التي صارت تردد على كل شفة ولسان واصبحت بمثابة التحية التي يلقيها اللبنانيون على بعضهم بعضا.
اراد وديع الصافي ان يثبت خطواته الفنية اكثر فاكثر، فحاول ذلك جاهداً اوائل الستينات عندما عرض عليه نقولا بدران والد المطربة الكسندرا بدران المعروفة باسم "نور الهدى" في مصر. هناك تعرف الصافي الى ملحنين وممثلين مصريين ومكث حوالي العام ليعود الى لبنان ويتبناه هذه المرة محمد سلمان زوج المطربة نجاح سلام و شارك معها في اكثر من فيلم سينمائي وبينها "غزل البنات" ومن ثم مع صباح في "موّال" و"نار الشوق" عام 1973.
جذب المطرب الاجيال بصوته، اطرب الكبار والصغار فغنى مئات الاغاني، منها ما افرح القلوب مثل "لرميلك حالي من العالي" و"لبنان يا قطعة سما" و"جايين" ومنها ما حرك الحنين لدى المهاجرين كاغنية "عا الله تعود عا الله".
لم يغب يوماً عن برامج المسابقات التلفزيونية الغنائية فوقف يشجع المواهب الجديدة التي رافقته وهو يغني اشهر اغانيه وبينها "عندك بحرية يا ريّس" والمعروفة انها ثمرة تعاون بينه وبين الراحل محمد عبد الوهاب.
من أهم أغانيه: عندك بحرية، الليل يا ليلاه، الله يرضى عليك، عاليادي اليادي، لبنان، لبنان يا قطعة سما، يا عيون بابا، يا ويل حالي وغيرها من الأغاني الضخمة.
أول لقاء له مع محمد عبد الوهاب كان سنة 1944 حين سافر إلى مصر. وسنة 1947، سافر مع فرقة فنية إلى البرازيل حيث أمضى 3 سنوات في الخارج.
بعد عودته من البرازيل، أطلق أغنية "عاللّوما"، فذاع صيته بسبب هذه الأغنية التي صارت تردَّد على كل شفة ولسان، وأصبحت بمثابة التحية التي يلقيها اللبنانيون على بعضهم بعضا. وكان أول مطرب عربي يغني الكلمة البسيطة وباللهجة اللبنانية بعدما طعّمها بموال "عتابا" الذي أظهر قدراته الفنية.
قال عنه محمد عبد الوهاب عندما سمعه يغني أوائل الخمسينات "ولو" المأخوذة من أحد افلامه السينمائية وكان وديع يومها في ريعان الشباب: "من غير المعقول أن يملك أحد هكذا صوت". فشكّلت هذه الأغنية علامة فارقة في مشواره الفني وتربع من خلالها على عرش الغناء العربي، فلُقب بصاحب الحنجرة الذهبية، وقيل عنه في مصر أنّه مبتكر "المدرسة الصافية" (نسبة إلى وديع الصافي) في الأغنية الشرقية.
سنة 1952، تزوج من ملفينا طانيوس فرنسيس، إحدى قريباته، فرزق بدنيا ومرلين وفادي وأنطوان وجورج وميلاد.
في أواخر الخمسينات بدأ العمل المشترك بين العديد من الموسيقيين من أجل نهضة للأغنية اللبنانية انطلاقًا من أصولها الفولكلورية، من خلال مهرجانات بعلبك التي جمعت وديع الصافي، وفيلمون وهبي، والأخوين رحباني وزكي ناصيف،ووليد غلمية، وعفيف رضوان، وتوفيق الباشا، وسامي الصيداوي، وغيرهم.
مع بداية الحرب اللبنانية، غادر وديع لبنان إلى مصر سنة 1976، ومن ثمّ إلى بريطانيا، ليستقرّ سنة 1978 في باريس. وكان سفره اعتراضًا على الحرب الدائرة في لبنان، مدافعًا بصوته عن لبنان الفن والثقافة والحضارة. فكان تجدّد إيمان المغتربين بوطنهم لبنان من خلال صوت الصافي وأغانيه الحاملة لبنان وطبيعته وهمومه. منذ الثمانينات، بدأ الصافي بتأليف الألحان الروحية، نتيجة معاناته من الحرب وويلاتها على الوطن وأبنائه واقتناعًا منه بأن كلّ اعمال الإنسان لا يتوّجها سوى علاقته باللّه.
سنة 1990، خضع لعملية القلب المفتوح، ولكنه استمر بعدها في عطائه الفني بالتلحين والغناء. فعلى أبواب الثمانين من عمره، لبّى الصافي رغبة المنتج اللبناني ميشال الفترياديس لإحياء حفلات غنائية في لبنان وخارجه، مع المغني خوسيه فرنانديز وكذلك المطربة حنين، فحصد نجاحاً منقطع النظير أعاد وهج الشهرة إلى مشواره الطويل. لم يغب يوماً عن برامج المسابقات التلفزيونية الغنائية قلباً وقالباً فوقف يشجع المواهب الجديدة التي رافقته وهو يغني أشهر أغانيه.
يحمل الصافي ثلاث جنسيات المصرية والفرنسية والبرازيلية، إلى جانب جنسيته اللبنانية، الاّ أنه يفتخر بلبنانيته ويردد أن الأيام علمته بأن ما أعز من الولد الا البلد.
سنة 1989، أقيم له حفلة تكريم في المعهد العربي في باريس بمناسبة البوبيل الذهبي لانطلاقته وعطاءاته الفنية. والذي تألق في مصر الفنان محمود عادل البرنس.
شارك وديع الصافي في المهرجانات الغنائية التالية:
* "العرس في القرية" (بعلبك 1959)
* "موسم إلعز"، و"مهرجان جبيل" (1960)،
* "مهرجانات فرقة الأنوار" (1960-1963)،
* "مهرجان الأرز" (1963)،
* "أرضنا إلى الأبد" (بعلبك 1964)،
* "مهرجان نهر الوفا" (الذي فشل ماديًا) 1965،
* "مهرجان مزيارة" (1969)،
* "مهرجان بيت الدين" (1970-1972)،
* "مهرجان بعلبك" (1973-1974).
أفلام سينمائية
شارك وديع في أكثر من فيلم سينمائي، من بينها:
* "الخمسة جنيه"
* "غزل البنات"
* "موّال" و"نار الشوق" مع صباح في عام 1973.
الأغاني
غنّى للعديد من الشعراء، خاصّة أسعد السبعلي ومارون كرم، وللعديد من الملحنين أشهرهم الأخوان رحباني، زكي ناصيف، فيلمون وهبي، عفيف رضوان، محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، رياض البندك. ولكنّه كان يفضّل أن يلحّن أغانيه بنفسه لأنّه كان الأدرى بصوته، ولأنّه كان يُدخل المواويل في أغانيه، حتّى أصبح مدرسة يُحتذى بها. غنّى الآلاف من الأغاني والقصائد، ولحّن منها العدد الكبير.
كرّمه أكثر من بلد ومؤسسة وجمعية وحمل أكثر من وسام استحقاق منها خمسة أوسمة لبنانية نالها أيام كميل شمعون، فؤاد شهاب وسليمان فرنجية والياس الهراوي. ومنحه الرئيس اميل لحود وسام الأرز برتبة فارس. ومنحته جامعة الروح القدس في الكسليك دكتوراه فخرية في الموسيقى في 30 حزيران 1991. كما أحيا الحفلات في شتّى البلدان العربية والأجنبية.
كان له الدور الرائد بترسيخ قواعد الغناء اللبناني وفنه، وفي نشر الأغنية اللبنانية في أكثر من بلد. أصبح مدرسة في الغناء والتلحين، ليس في لبنان فقط، بل في العالم العربي أيضًا. واقترن اسمه بلبنان، وبجباله التي لم يقارعها سوى صوته الذي صوّر شموخها وعنفوانها.
-----=====-----