ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


    خالد بن الوليد رضي الله عنه

    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23936
    تم شكره : 33
    الاسد

    خالد بن الوليد رضي الله عنه Empty خالد بن الوليد رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 23:33


    خالد بن الوليد رضي الله عنه
    "سيف الله المسلول"


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي جعل لنا رجالاً يُوجِب علينا أن نسجد شكرًا لله لوجودِهم في الإسلام، رجالاً نظلُّ ندرسهم وندرس أخلاقهم كي نتعلَّم منهم ما هو أجمل، رجالاً تربَّوا في المدرسة المحمدية، رجالاً لا تَغِيب عنهم شمس الحق، نَعرِض من هؤلاء الرجل الذي قال عنه خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكرٍ الصديق: "عَجَزتِ النساءُ أن يلدن مثل خالد".
     
    خالد بن الوليد - رضي الله عنه -:
    خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كعب، سيف الله - تعالى - وفارس الإسلام، ليث المشاهد، السيد الإمام الكبير، وقائد المجاهدين، أبو سليمان القرشي المخزومي المكي، وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث.
     
    هاجر مسلمًا في صفر سنة ثمان، ثم سار غازيًا فشهِد غزوة مؤتة، واستشهد أمراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثلاثة: مولاه زيد، وابن عمه جعفر ذو الجناحين، وابن رواحة، وبقي الجيش بلا أمير، فتأمَّر عليهم في الحال خالد، وأخذ الراية، وحمل على العدوِّ، فكان النصر، وسمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - سيف الله، فقال: ((إن خالدًا سيف سلَّه الله على المشركين))، وشهِد الفتح، وحُنينًا، وتأمَّر في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - واحتسب أدراعه ولَأْمَته في سبيل الله، وحارب أهل الردة، ومسيلمة، وغزا العراق، واستظهر، ثم اخترق البرية السماوية، بحيث إنه قطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال، في عسكر معه، وشهد حروب الشام، ولم يبقَ في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء.
     
    ومناقبه غزيرة، أمَّره الصديق على سائر أمراء الأجناد، وحاصر دمشق، فافتتحها هو وأبو عبيدة - رضي الله عنهما.
     
    له في الصحيحين حديثانِ، وفي مسند بَقِيٍّ واحد وسبعون، توفِّي بحمص سنة إحدى وعشرين، وذكر محمد بن سلام قال: لم تبقَ امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لَمَّتها على قبر خالد بن الوليد، يقول: حلقت رأسها.
     
    خالد بن الوليد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
    كان لخالد بن الوليد مواقفُ عدَّة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نذكر بعضًا منها:
    سيف الله المسلول:
    نعى النبي - صلى الله عليه وسلم - زيدًا، وجعفرًا، وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، ثم قال: ((أخذ الراية زيد فأُصِيب، ثم أخذ جعفر فأُصِيب، ثم أخذ ابنُ رواحة فأُصِيب))، وعيناه تذرفان: ((حتى أخذ الرايةَ سيفٌ من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم))، ومنذ ذلك الوقت لقِّب خالدٌ بسيف الله المسلول.
     
    عن أبي هريرة قال: نزلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزلاً، فجعل الناس يمرُّون، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن هذا يا أبا هريرة؟))، فأقول: فلان، فيقول: ((نِعْمَ عبدالله هذا))، ويقول: ((مَن هذا؟))، فأقول: فلان، فيقول: ((بِئْس عبدالله هذا))، حتى مرَّ خالد بن الوليد، فقال: ((مَن هذا؟))، فقلتُ: هذا خالد بن الوليد، فقال: ((نِعْمَ عبدالله خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله)).
     
    من مواقف خالد بن الوليد:
    في الخامس والعشرين من رمضان سنة 8 هـ أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد - رضي الله عنه - في ثلاثين فارسًا من أصحابه، وأمرهم بهدم "العُزَّى"، وكان سَدَنتها وحجَّابها من بني "شيبان"
     
    فشاء الله أن يهدم كبرياء وعزة الكفَّار على يد خالد بن الوليد بأمرٍ من خير البشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
     
    كان خالد بن الوليد - رضي الله عنه - كلما افتتح موضعًا في العراق أخرج من غنائمه الخُمس فيوجه به إلى المدينة إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ويقسم باقي المَغْنَم في أصحابه، قال: إلى أن تحرَّكت الروم بأرض الشام، فنرجع الآن إلى ذكر فتوح الشام بعون الله وكرمه إن شاء الله تعالى، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، تمت بعون الله وتوفيقه آخر العصر في يوم الأحد شهر ربيع الآخر الذي خلت منه أيام 24 سنة 1278 من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام).
     
    عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت خالد بن الوليد، يقول: ((لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية)).
     
    هذا هو رجل الحرب الأول الذي شهِد له العالَم كله في اليرموك، فنذكر خالدًا في اليرموك كالأسد في الغابة.
     
    وفي اليرموك خير شاهد على خالد بن الوليد - رضي الله عنه - حيث قال خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر الصديق: "والله لأُنسِينَّ الروم وساوسَ الشيطان بخالد بن الوليد".
     
    اليرموك: "والله لأُنسِينَّ الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد":
    حدثت في السنة الثالثة عشرة من الهجرة قرب نهر اليرموك في شهر جمادى الآخرة بين المسلمين والروم، عدد جيش المسلمين ما بين ٤٠ - ٤٦ ألفًا، وقيل: أقل من ذلك، وعدد جيش الروم ٢٤٠ ألفًا، وقيل أكثر من ذلك.
     
    كان قائد جيش المسلمين خالد بن الوليد، ومعه كبار قادة الفتح؛ مثل: أبي عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، والزبير بن العوام، وعكرمة بن أبي جهل.
     
    قائد الروم: نذراق يساعده الفيقار وباهان.
     
    ما قبل المعركة: بعدما وطد الخليفة الأول أبو بكر الصديق حكم المسلمين في داخل الجزيرة العربية، وجَّه أنظاره نحو أكبر دولتين في زمانه (الفرس والروم)، والتي كانتا تتنازعان السيادة على العراق وعلى سوريا، أعدَّ أبو بكر الحملات ووجهها إلى جنوب بلاد الشام عام ٦٣٣م، وكانت في حملات ثلاثٍ:
    الحملة الأولى بقيادة عمرو بن العاص الذي سلك الطريق الساحلي باتجاه فلسطين.
     
    الحملة الثانية بقيادة يزيد بن أبي سفيان.
     
    الحملة الثالثة: بقيادة شرحبيل بن حسنة الذي سلك طريق تبوك متجهًا نحو وادي الأُردُنِّ.
     
    أول صدام بين الروم والمسلمين كان جنوب البحر الميِّت؛ حيث انتصر القائد المسلم يزيد بن أبي سفيان على البيزنطيين الذين انسحبوا بعد هذه الهزيمة، فلحق بهم يزيد بن أبي سفيان وهزمهم ثانيةً قرب مدينة غزة.
     
    كذلك كان القائد عمرو بن العاص يسجِّل بدوره الانتصارات مجتاحًا المدن والقرى.
     
    دب الذعر في نفوس البيزنطيين أمام انتصارات العرب وتقدُّمهم، وكان إمبراطور الروم البيزنطيين يومها اسمه هرقل، قد أصدر أوامره بتجهيز حملة كبيرة من مائة ألف مقاتل، وأعطى قيادتها إلى أخيه ثيودوروس.
     
    إرسال أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد للقتال:
    علم الخليفة أبو بكر بما يعدُّه الإمبراطور الرومي من عُدَّة لمجابهة المسلمين، فأمر بإرسال أبي عبيدة بن الجراح على رأس جيش لمساعدة الجيوش الإسلامية الثلاثة التي تحارب في بلاد الشام، وكذلك أمر الخليفةُ القائد خالدَ بن الوليد الذي كان يفتح العراق، أمَره بالتوجه حالاً إلى الشام لمساعدة الجيش الإسلامي هناك، على أن تكون له القيادة العامة على جميع الفرق.
     
    ظهر خالد بن الوليد فجأة في بلاد الشام بعدما اجتاز الصحراء السورية، وكان واقفًا شرقي دمشق في مؤخِّرة الجيش البيزنطي، وذلك في ٢٤ نيسان عام ٦٣٤م، ثم انضمَّ إلى بقية الجيوش الإسلامية وجمعها تحت قيادته في أجنادين، ودارت معركة مع البيزنطيين، كان النصر فيها للمسلمين.
     
    محاصرة دمشق وفتحها بعد الانتصار في أجنادين:
    أصبحت الطريق نحو الشام مفتوحة أمام المسلمين، وتوزعت الجيوش الإسلامية في أنحاء البلاد تفتحها وتخضعها لسيطرتها، فتوجَّه شرحبيل بن حسنة إلى الأردنِّ، وتوجَّه عمرو بن العاص إلى فلسطين، وتوجه خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح إلى دمشق.
     
    أخذت المدن تتساقط أمام تقدم المسلمين، وحقق خالد بن الوليد الانتصارات على البيزنطيين، وأصبحت دمشق في قبضة يده، وحاصرها لمدة ٦ أشهر، ثم دخلها بعدما صالَح أهلها بشروط ومبادئ؛ كالتي فرضها النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - سابقًا على تبوك وغيرها، والتي أصبحت نموذجًا لشروط الصلح مع سائر المدن الشامية، وفي الوقت ذاته كان أبو عبيدة بن الجراح يدخُل دمشق من مكان ثانٍ، والتقى الجيشان - جيش خالد وجيش أبي عبيدة.
     
    بسقوط دمشق في أيدي المسلمين سارعت بقية المدن السورية إلى فتح أبوابها أمام قادة المسلمين، ومن هذه المدن: حمص، وحماة، وبعلبك، أما بيت المقدس وقيسارية، فلم تفتحا أبوابهما للمسلمين، وكانتا تنتظران نجدة من هرقل ملك البيزنطيين الموجود في أنطاكية، والذي كان يعمل لحشد جيش كبير جمعه من كافة أنحاء الإمبراطورية البيزنطية، وقيل: إنه بلغ نحو ٢٤٠ ألف مقاتل.
     
    سبب المعركة: عندما علم المسلمون بنبأ حشد الجيوش البيزنطية في أنطاكية قرَّروا الانسحاب إلى مكان يكون باستطاعتِهم التحرُّك فيه بحريَّة أكثر، والاتصال بالخليفة في الحجاز، وبناءً على نصيحة خالد بن الوليد تراجع المسلمون إلى وادٍ يعرف بوادي اليرموك، وكان جيش البيزنطيين يَفُوقُ جيش المسلمين عددًا وعدَّةً؛ حيث بلغوا مائتين وأربعين ألفًا، في حين لم تتجاوزِ القوَّات العربية جميعُها أربعة وثلاثين ألفًا، وأمام هذا التفوق العددي الهائل أرسل القادة العرب يستأذنون الخليفة في أن يضمُّوا قواتهم، وأن يحتشدوا في منطقةٍ اختاروها على الشاطئ الأيسر لنهر اليرموك.. يبعد كثيرًا عن نقطة التقائه بنهر الأردنِّ، فلما جاءتهم موافقته نفذوا خطتهم وتولَّى القيادة العامة أبو عبيدة بن الجرَّاح.
     
    علِم الرومُ بتجمُّع العرب فأسرعوا بدورهم وضمُّوا جيوشهم الأربعة لتعسكر على الجانب الأيمن لليرموك، مضى شهران والفريقان يستعدَّانِ، وجمع العرب المعلومات عن موقع الروم، فتبينوا أنهم يعسكرون في سهلٍ تُحيط به الجبال من ثلاث جهات، وليس لهم غير منفذ واحد من جهة الشرق، وكان هذا أحد الأخطاء التي ارتكبها الروم عند اليرموك، وقد استغلَّ العرب الخطأ فعبروا اليرموك، وأقاموا على ذلك المنفذ الوحيد لمعسكر الروم، كذلك أخطؤوا باختيارهم موقف الدفاع فلم يستفيدوا من ضخامة الجيوش التي عبَّؤوها، وكانت قواتهم سبعة أضعاف الجيوش الإسلامية مجتمعة، ومع ذلك لم تكن لديهم الشجاعة لبَدْء الهجوم على المسلمين.
     
    أحداث المعركة: عسكر العربُ شمالي اليرموك، وأغلقوا المنفذ الوحيد لمعسكر الروم، ومضت الأيام وكل فريق في موقعه يحاول الروم الهجوم فيردهم العرب ثم يعودون إلى معسكراتهم، كتب المسلمون إلى الخليفة يطلبون المَدَد، فجعل أبو بكر يشاور الصحابة ويفكر، فأعلن أبو بكر قراره قائلاً: "والله لأُنسِينَّ الرومَ وساوس الشيطان بخالد بن الوليد"، فلم يُضِع خالد الوقت واختار طريقًا طويلة وصعبة كيلا يلقى مَن يعوق مسيرته من الروم أو حلفائهم العرب، قطع خالد الطريق من الحِيرة إلى بُصْرَى في ثمانية عشر يومًا، وبلغ اليرموك فأقام شهرًا يتعرف حركة الأعداء وتنظيمهم كما ذكرناه سابقًا.
     
    كان هرقل قد عزَّز جيشه في اليرموك بالبطريق باهان، ونظَّم خالد الجيوش العربية في اليرموك، بعد توحيدِها، ونشط البطريق باهان في تعبئة الروم حتى بدا كأنه يستعد لهجوم سريع، على حين كانت الجيوش الإسلامية تقيم في معسكرات منفصلة، وكل قائد يدبِّر أمور جيشه بالطريقة التي يراها.
     
    قسَّم خالد المجاهدين في الجيش الموحد فرقًا، عُرِفت باسم الكراديس، كل فرقة تسمى أوكردوس، يتكوَّن من ألف رجل، ووزع الكراديس على الميمنة والميسرة والقلب، جعل قيادة الميمنة لعمرو بن العاص، يعاونه شرحبيل بن حسنة، وعلى الميسرة أقام يزيد بن أبي سفيان، أما القلب، فأسند قيادته لأبي عبيدة بن الجراح ومعه عكرمة بن أبي جهل.
     
    كان أبو عبيدة بن الجراح قد أوصى نساء المسلمين بأن يعترضن طريق مَن يضعف من المسلمين ويمنعنَه من الفرار، فحشدهن خالد وراء الجيش وأمرهن أن يقتلن كل مَن يمر بهن منهزمًا.
     
    رسم خالد خطة لاستدراج الروم بعيدًا عن مواقعهم التي حفروا أمامها الخنادق، فكلف عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو التميمي الهجوم بكردوسيهما فجرًا حتى يبلغا خنادق الروم، وبعد ذلك يتظاهرانِ بالانهزام ويتقهقران، ونفذ القائدان المهمة بنجاح، فلم يكادا يأخذانِ في التراجع حتى أمر باهان فرسان الروم بالهجوم، وكان جيش الروم ثمانين ألف فارس، وكان عكرمة يقود كردوسه أمام الخيمة التي اتخذها خالد مقرًّا لقيادته عندما شاهد الروم يدفعون قوات الميمنة إلى الوراء، فيتراجع أغلب رجالها، وفي الحال صاح مناديًا: مَن يبايع على الموت؟ وسرعان ما تبعه أربعمائة من فرسان المسلمين، واندفعوا لنجدة الميمنة غير مبالين بما يصيبهم، وأفلحوا في صد الهجوم الرومي على الميمنة بعد قتال استشهد فيه عدد كبير منهم، واستمر القتال إلى الغروب، وأخيرًا تمكَّن المسلمون من الفصل بين فرسان الروم ومُشاتِهم، فأمر خالد بمحاصرة الفرسان حصارًا شديدًا فلما ضاق فرسان الروم بالقتال وأصابهم التعب، فتح المسلمون أمامهم ثغرة أغرَتْهم بالخروج منها طالبين النجاة، تاركين المشاة لمصيرهم!
     
    مصير المشاة الهاوية:
    كان جيش الروم قد اتخذوا خنادقهم في مواجهة العرب ومن ورائهم هاوية عميقة هي هاوية الواقواصة، وفي هذه الخنادق رابطوا بعد أن شدُّوا أنفسهم بالسلاسل والعمائم كل عشرة معًا، ليمنعوا مرور العرب من بينهم، وأيضًا ليستحيل الفرار على مَن يضعف منهم، فلما أخلى فرسانهم الميدان واقتحم العرب عليهم الخنادق جعلوا يتراجعون ويسقطون في الهاوية عشرات! مئات! ألوفًا! مائة ألف منهم أو يزيد قُتِلوا في ذلك اليوم من العام ٦٣٤ الميلادي، وقتل معهم أخو هرقل وعدد كبير من أمرائهم.
     
    استطاع باهان أن يهرب، لكن انتصار اليرموك كان بداية النهاية في تاريخ الإمبراطورية الرومانية وطليعة الفتوح الإسلامية.
     
    هذا هو خالد، خالد الذي جاهد في سبيل الله حق جهاده، كان يتمنى الموت في سبيل الله وما كان إلا أن يُعِزَّ الله الإسلام على يدِه، ففتح وحارب وقاتل في سبيل الله.
     خالد بن الوليد رضي الله عنه Space
    وفاته - رضي الله عنه -:
    استقرَّ خالد في حمص - من بلاد الشام - فلما جاءه الموت، وشعر بدُنُوِّ أجله، قال: لقد شهِدتُ مائة معركة أو زُهاءها، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيفٍ، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، ألا فلا نامَت أعينُ الجبناء.
     
    وكانت وفاته سنة إحدى وعشرين من الهجرة النبوية، مات مَن قال عنه الصحابة: الرجل الذي لا ينام، ولا يترك أحدًا ينام، وأوصى بتركتِه لعمر بن الخطاب، والتي كانت مكوَّنة من فرسه وسلاحه.




    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23936
    تم شكره : 33
    الاسد

    خالد بن الوليد رضي الله عنه Empty رد: خالد بن الوليد رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 23:35

    العبقرية العسكرية في شخصية خالد بن الوليد




    لقد حفَل التاريخ الإنساني بالكثير من الأسماء والشخصيَّات التي سَطرت على صفحات الزمن بحروف من نور قصصًا للبطولة النادرة والعبقريَّة الفذة، ولعل القائد الإسلامي خالد بن الوليد من ألمع تلك الشخصيَّات التي سطعت في سماء العبقريَّة العسكرية، والذي استطاع في سنوات قليلة مستعينًا بالله أولاً، ثم بفضل الحُنكة العسكرية الفذَّة والخبرة التكتيكية الفريدة أن يَدُك حصون الفرس والروم، وهما أعظم دولتَين في ذلك الوقت، وأن ينشر الإسلام عزيزًا مهابًا على أرض الجزيرة العربية وفي بلاد العراق والشام.
     
    ولا عجب إذًا أن يقول فيه الخليفة الأول للمسلمين وهو أبو بكر الصديق: "والله لأُنِسينَّ الرومَ وساوس الشيطان بخالد بن الوليد"، وقال عنه أيضًا: "لقد عجزت النساء أن يَلِدن مثل خالد"، ولقد سمَّاه المسلمون: (سيف الله المسلول)؛ بعد أن قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم دخوله الإسلام: ((أنت سيف من سيوف الله، سلَّه على المشركين)).
     
    وفي غزوة مؤتة في العام الثامن للهجرة، وبعد أن حاصَر الجيشُ الرومي المؤلَّف من مائة ألف جندي الجيشَ المسلم المؤلَّف من ثلاثة آلاف جندي، وبعد مقتل ثلاثة قادة من قواد الحملة، وهم زيد بن حارثة ثم جعفر بن أبي طالب ثم عبدالله بن رواحة، وإزاء هذا الموقف العصيب والبالغ الحساسية من الوِجهة العسكرية أخذ الرايةَ خالدُ بن الوليد، وبأسلوب تكتيكي استطاع أن يَنسحِب بالجيش مؤمِّنًا لهم سُبُل السلامة، ومخفِّفًا عنهم وقْعَ الهزيمة، ومؤكِّدًا للروم أنه بالرغم من كثرة عددهم وعدتهم وقوة تنظيمهم، فقد تمكَّن من سحب الجيش سالمًا؛ ليتأهَّب لملاقاتهم في مرات قادمة.
     
    وبعد انتقال الرسول - عليه الصلاة والسلام - إلى الرفيق الأعلى وتولي الصديق أبي بكر الخلافة، والتي استمرَّت حوالي ثلاثين شهرًا، هي عند الله خيرٌ من ثلاثين قرنًا، كانت الرِّدَّة هي أول ما واجَهه من مشاكل، حيث اضطرب أمر الكثيرين من العرب، فارتد منهم من كان قريب العهد بالإسلام، وامتنَع بعضهم عن الزكاة، وإزاء ذلك فقد عزم الصدِّيق على قتال المرتدين حتى يعود الإسلام إلى ما كان عليه في الجزيرة العربيَّة، وكان لخالد بن الوليد سيف الله المسلول دورُه في إخماد هذه الفتنة، واستعادة هيبة الإسلام في صدور المتشكِّكين، وبعد أن اطمأن الخليفة الصدِّيق إلى الجبهة الداخلية، تَطلَّع إلى تأمين حدود دولته الناشئة، خاصة تلك المتاخمة لدولتَي الفرس والروم، والتي باتتا تَستعِدان لمهاجمة الدولة الإسلامية، والقضاء على قوَّتها المتنامية في مهدها، وكانت خطته تتلخَّص في تَقدُّم القائد البطل خالد بن الوليد بجيشه البالغ عشرة آلاف مقاتل إلى جنوب العراق، ويتقدَّم القائد المغوار المثنى بن حارثة الشيباني نحو الحيرة، ويتقدَّم عياض بن غنم بالزحف نحو دومة الجندل ثم يَنعطِف نحو الحيرة، ويتقدَّم سعيد بن العاص بجيشه الذي يبلغ سبعة آلاف مقاتل نحو الحدود الفلسطينيَّة؛ لشغل الروم ومَن والاهم من العرب عن التدخل، وتعطيل التقدم في أراضي الفرس، وقد نجح خالد بن الوليد في التقدم في جنوب العراق وتَمكَّن من فتح مدينة الحيرة، ولكن اعتراضًا حدث لجيش عياش بن غنم من جانب جيوش الغساسنة ومَن والاهم من العرب؛ مما اضطر خالد إلى نجدته وفكِّ الحصار عنه في الشمال، ثم عاد ثانية إلى جنوب العراق، وعندما عَلِم خليفة المسلمين أبو بكر الصديق باضطراب الحدود على الروم، وبأن هرقل عظيم الروم قد جمع مائتين وأربعين ألف مقاتل للهجوم على المدينة، فماذا يفعل أبو بكر هل يَعقِد صلحًا أو يطلب هدنة مع هرقل؟ لا وألف لا، بل اجتمع أبو بكر مع مستشاريه، وأعلن النفير العام في الأراضي الحجازية والنجدية واليمنية، ومن ثَمَّ بادرت جموع المتطوعين بالتوافد نحو المدنية المنورة من جميع تلك الأنحاء، وعندما اكتمل الحشد كوَّن الصِّديقُ أربع فِرق هجوميَّة، تتوجَّه إلى بلاد الشام بقيادة أربعة من قواد المسلمين، هم: يزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حَسَنة، وأبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، وعندما وصل نبأ الجيوش العربية الإسلامية للروم، أَعَد هرقل ملك الروم جيشًا جرارًا، يَزيد على المائة والعشرين ألفًا ليُواجِه الفرق الإسلامية كلاًّ على حدة، وبعد التشاور رأى القوَّاد المسلمون ضرورة توحُّدهم في جيش واحد على ضفة نهر اليرموك، وقد أيَّدهم في ذلك الخليفة أبو بكر، ولما علِم الروم بتحركات المسلمين، اضطروا للتوحد أيضًا في جيش واحد بمحاذاة الجيوش الإسلامية على أرض اليرموك، وظلَّ الجيشان في حالة تحفُّز وترقُّب قرابة الشهرين؛ حتى خاف القواد المسلمون من فتور حماس الجند المسلمين ونفاد صبرهم، وقد تربَّص بهم الأعداء الذين يفوقونهم عددًا وعُدَّة، وكان الرأي هو طلب المدد من الخليفة الصديق، ولما وصلت الرسالة إلى الخليفة، وبعد استشارة مستشاريه رأى أن الموقف يتطلَّب تحويل القائد الصنديد خالد بن الوليد مع بعض جيشه من العراق إلى الشام، وبالفعل كتب إليه شارحًا له حالة اللاحرب واللاسِلم التي تسيطر على الجيشين، وأن هذا الوضع لا يَحسِمه إلا قائد مُحنَّك مثل خالد، وأمره أن يقسم جيشه نصفين، فيترك النصف الأول بالعراق، وتحت إمرة لواء الإسلام المثنى بن حارثة، ويسير بالنصف الثاني نحو اليرموك؛ ليكون مددًا لجيوش المسلمين هناك، وبهذا التقسيم يضمن استمرار العمليات العسكرية بالعراق، ويَحسِم الموقف على الجبهة الشامية.
     
    وبالفعل جهَّز خالد بن الوليد جيشه المكوَّن من الكتائب القوية مع بعض القادة المتميزين، مِثل القعقاع بن عمرو التميمي وضرار بن الخطاب وضرار بن الأزور وعاصم بن عمرو، وتألَّف الجيش من حوالي عشرة آلاف مقاتل، ولقد ظهرت عبقرية خالد العسكرية في اختيار الطريق إلى وادي اليرموك، فلقد اختار طريقًا وعرًا صحراويًّا غير واضح المعالم، تَندُر فيه مصادر المياه؛ لأنه كان حريصًا على أن يرتاد الطريق الخالي من الحاميات الموالية للروم غير الآهل بالمارة أو السكان؛ وذلك من أجل الإبقاء على سرية المدد، واستخدام عنصر المباغتة من الخلف لجيش العدو ومحدِثًا لهم الهلع والارتباك، ولقد خطب خالد في جيشه ليهوِّن عليهم مصاعب الطريق قائلاً لهم: "أيها المسلمون، لا تسمحوا للضعف أن يَدُب فيكم، ولا للوَهْن أن يُسيطر عليكم، واعلموا أن المعونة تأتي من الله على قدْرِ النيَّة، وأن الأجر والثواب على قدر المشقة، وأن المسلم ينبغي له ألا يَكترِث بشيء مهما عَظُم ما دام الله في عونه".
     
    وقد لبَّى الجنود نداء خالد قائلين له: أيها الأمير، أنت رجل قد جمع الله لك الخير، فافعل ما بدا لك وسِر بنا على بركة الله، وكان الطريق المختار هو طريق قراقره سوى، أرك، تدمر، القريتين، حوارين، مرج راهط، بصرى، وادي اليرموك، وقد استشار خالد دليلَه رافع بن عميرة في مشكلة المياه، فأشار عليه بأن على الجنود أن يحملوا ما استطاعوا من الماء معهم، أما الخيل فسوف يكون لها مصدر آخر من مصادر الشرب؛ فقد جاؤوا بعشرين من أعظم الجمال وأكثرها سِمنة، فمنعوها الماء حتى أَجهدها الظمأ، ثم عرضوا عليها الماء مرة ومرتين، حتى ارتوت وملأت أكراشها، ثم قُطِعت شفاهها؛ لئلا تجتر فتحوَّلت بطون الإبل بذلك إلى مستودعات هائلة للمياه، فإذا عطشت الخيل نُحِرت الإبل، فتشرب الخيل ما في بطون الإبل من الماء، ويأكل الجنود لحومها حتى يتقووا على جهد الطريق، ومضى الجيش المسلم يَخترِق الفيافي والصحراء مفضلاً السير في الليل والصباح الباكر، حيث الجو المعتدل من أجل توفير المستطاع من الماء، وأثناء الطريق كانت خبرة الدليل الجغرافي واضحة في مساعدة الجنود على ورود مصادر المياه، ليتزودوا منها أثناء تَرحالهم.
     
    وما أن وصلت جيوش خالد إلى أرض اليرموك، حتى اجتمع خالد بن الوليد في مكان اسمه أجنادين مع أركان حرب الجيش الإسلامي المرابط بالشام، وهم يزيد بن أبي سفيان وأبو عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة، وعقَد معهم جلسة طارئة في غرفة العمليات العسكرية، قال فيها لإخوانه: إن عدد جنود العدو حوالي مائتين وأربعين ألفًا، وعدد جنودنا ستة وأربعون ألفًا، ولكن القرآن الكريم يقول: ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249].
     
    والنصر في الحروب لم يكن أبدًا لمن كَثُر عدده، بل كان لمن آمن بما يُقاتِل من أجله، وصدق النية، وصمَّم على النصر، وأعدَّ للأمر عدته.
     
    وبعد أن أخذ خالد رأي كل أمير من أمراء الجيوش المسلمة، استقرَّ الرأي على أن تتوحَّد الجيوش الإسلامية تحت إمرة أمير واحد، خاصة بعد أن علم خالد بأن الجيوش الرومية قد توحَّدت تحت إمرة تيودورك، فأصبح من غير الحكمة أن تُقاتِل الجيوش الإسلامية المتفرِّقة جيشًا واحدًا منظَّمًا، وبحكمة بالغة وحتى لا يدع للشيطان مدخلاً في نفس أي من الأمراء فقد اقترح خالد بن الوليد أن تكون الإمارة الموحَّدة بالتناوب بين جميع الأمراء بحيث يكون لخالد بن الوليد اليوم الأول، ثم يتولَّى الأمراء الآخرون، كل حسب دوره، وقد وافَق الجميع على هذا الاقتراح، ومن ثَمَّ شرع خالد بن الوليد في إعداد خُطَّة المعركة، وهو صاحب التجارب الناجحة في خوض حروب عديدة خارج الجزيرة العربية، وله خبرة بأساليب الدول الكبرى في المعارك، ويَمتلِك القدرة على التصرف السليم في المواقف الحرجة، والذي يؤدي دائمًا إلى تحقيق النصر.
     
    وكانت الخطة الموضوعة تقضي بتقسيم الجيش العربي المسلم إلى ستة وأربعين كردوسًا، كل كردوس يتألَّف من ألف رجل يتأمَّرهم أمير من أولي البأس، ثم قسَّم الجيش إلى قلب وميمنة وميسرة، فأما القلب فيتكوَّن من خمسة عشر كردوسًا، تحت قيادة أبي عبيدة بن الجراح، وأما الميمنة فتتألَّف من خمسة عشر كردوسًا، تحت إمرة عمرو بن العاص، ويُعاوِنه شرحبيل بن حسنة، وأما الميسرة، فتتكوَّن من عشرة كراديس بقيادة يزيد بن أبي سفيان، وأما بقية الكراديس فتكون احتياطًا في الساقة تحت قيادة عكرمة، وبهذا التنظيم البديع أظهر خالد بن الوليد براعته العسكرية التي جعلت الجيش العربي المسلم يبدو أكثر عددًا، وأخفَّ حركة، وأكثر مرونة، وأقدر على الحركة بما يتلاءم مع سير المعركة.
     
    أما خالد بن الوليد، فسيتولَّى القيادة من القلب، وستَصدر أوامر مباشرة إلى قواد القطع الرئيسية: القلب والجناحين والساقة، وقبل أن يبدأ الهجوم المُنتظَر من الروم جرت حملة تشجيعيَّة على الجبهة العربية الإسلامية، كان هدفُها الحث على الجِهاد والصبر وقوة الإرادة.
     
    وكانت خطة خالد العسكرية هي انتظار الروم حتى يبدؤوا زحفَهم المتوقَّع، فإذا اقتحم فرسانهم خطوط المسلمين، أفسحوا لهم الطريق وتركوها تتوغَّل خلف خطوط الجيش الإسلامي، حيث تُقابِلها قوَّة احتياطية من فرسان المسلمين تُقابِلها وتقضي عليها، وبهذا تَحرِم مشاة الروم من فرسانها، وتتفرَّغ قوات المسلمين لملاقاة هؤلاء المشاة، وقد اختار خالد بن الوليد مواقع حصينة بحيث تكون المدينة المنوَّرة خلفهم ليحتَفِظ بخطوط الإمدادات، بينما كان الروم يُرابِطون في موقع محصور بين سهل فسيح في منحنى نهر اليرموك، ومن خلفهم منخفض سحيق اسمه (واقوصة) تحيط به من ثلاث نواحٍ جبال بالغة الارتفاع، ولما قَدِم الروم إلى هذا المكان، تخطَّى جيش المسلمين النهرَ إلى الضفة اليمنى منه، فأصبح الروم محصورين بين الجبال ومن أمامهم الجيش الإسلامي، وفي فجر يوم الثامن والعشرين من شهر جمادى الأولى عام 13هـ بدأ الزحف الرومي، واخترق فرسان الروم خطوط المسلمين حسب خطة خالد؛ حيث أَعدَّ لهم قوَّةً احتياطيَّة من الفرسان، وحمل المسلمون على الروم حملة صادقة، وانقضَّ الفرسان المسلمون على فلول الروم كالصقور الغاضبة، فمن لم تحصده السيوف ابتلعه نهر اليرموك غريقًا، أو لاذ بالفرار باجتياز الخندق نحو الساحة؛ حيث طاردهم فرسان العرب، فقتلوا منهم الكثيرين، وقد كان هناك عدد كثير من مشاة الروم مقرنين في سلاسل كل عشرة في سلسلة واحدة، وقد أثقلت هذه السلاسل حركتَهم، خصوصًا إذا قُتِل أو جرح واحد منهم، وقد استمرَّت المعركة يومًا واحدًا، استطاع فيها الجيش العربي المسلم أن يسيطر على ساحة القتال، وهربت فرسان تيودورك وباتت مُشاته مكشوفة من دون حماية، فأصدر الأوامر لهم بالتقهقر إلى خلف الخندق، بيد أن خالد حال دون ذلك؛ حيث انقضَّ عليهم بفرسانه ومشاته فسحقهم بقوة.
     
    وفي إحصاء للخسائر فقد كان عدد القتلى والجرحى من المسلمين حوالي ثلاثة آلاف، ولكن بالنسبة للجيش الرومي فقد كانت الخسائر كبيرة يَصعُب حصرها، وقد أبلغ المسؤولون عن الإحصاء خالد بن الوليد أن ثمانين ألفًا من الروم سقطوا في الواقوصة خلف الخندق، كما قُتِل قائدهم العام تيودورك أخو هرقل، وهنا قال خالد بن الوليد: "الحمد الله الذي نصر عباده المؤمنين".
     
    وفي أثناء المعركة حملت الرسل القادمة من المدينة أنباء وفاة خليفة المؤمنين أبي بكر الصديق ومبايعة المؤمنين عمر بن الخطاب ليكون الخليفة الثاني، ومع هذه الرسل جاء خطاب من عمر بن الخطاب إلى قيادة الجيش المُحارِب في اليرموك يقضي بعزل خالد بن الوليد، وتولية أبي عبيدة بن الجراح قائدًا عامًّا للجيوش الإسلامية باليرموك، وقد أخفى خالد هذه الرسالة خوفًا على أفراد الجيش من الاضطراب، فلما انتهت المعركة بالنصر المبين دفع خالد بالرسالة إلى أبي عبيدة بكل تواضُع وإيثار، قائلاً له: "وأما الآن، فإنك أنت أميري وقائدي، وأنا لك الجندي الأمين.. سلني أُطِعك".
     
    فما أكرمَ هذا الإنسانَ وهذا البطل! الذي عرف حدوده كبشر، وأنجز ما أنجز من بطولات وهو يخشى الله تعالى وحده لا شريك له، إن اسم البطل خالد بن الوليد قد دُوِّن في سجلات التاريخ البشري بمآثره في معركة اليرموك وغيرها، وذكراه تتصدَّر في قدرته على التخطيط والتنفيذ لمعركة غيَّرت وجه التاريخ، وحطَّمتْ أسطورة الدولة الكبرى التي لا تُقهَر، وارتفعت بالمقابل الدولة الإسلامية الشابَّة، واتَّسعت فأصبحت إمبراطورية أضاءت الحضارة بنور علومها لعشرة قرون متتالية.
     
    وبعد معركة اليرموك أرسل خالد بن الوليد إنذارًا حربيًّا شديد اللهجة إلى كسرى عظيم الفرس، وقال له: "أَسلِم تَسلَم، وإلا فقد جئتك بقوم يحرصون على الموت كما تَحرِصون أنتم على الحياة"، فلما وقع الإنذار في يد كسرى ارتعدت أعصابه، وأرسل إلى إمبراطور الصين يطلب منه المددَ والنجدة، فردَّ عليه قائلاً: يا كسرى، لا قِبَل لي بقوم لو أرادوا خلْع الجبال لخلعوها، رجال خافوا الله فخوَّف الله منهم كل شيء.
     
    ثم انظر ماذا ترك هذا البطل خالد بن الوليد عند موته، إنه لم يترك إلا سيفَه الذي كان يُقاتِل به في سبيل الله، وفرسَه الذي كان يركبه غازيًا في سبيل الله، ثم ها هو يبكي على فراش الموت قائلاً: "هأنذا أموت على فراشي، وما في جسدي قيد شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طَعْنة رمح أو رمية سَهْم في سبيل الله، أموت كالبعير، وكنت أتمنَّى أن أموت شهيدًا في سبيل الله، فلا نامت أعين الجبناء".
     
    ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23]، صدق الله العظيم.


    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23936
    تم شكره : 33
    الاسد

    خالد بن الوليد رضي الله عنه Empty رد: خالد بن الوليد رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 23:38

    مقتطفات من سيرة خالد بن الوليد - رضي الله عنه -


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
     
    وبعد:
    فهذه مقتطفات من سيرة علم من أعلام هذه الأمة، وبطل من أبطالها، وفارس من فرسانها، صحابي جليل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، نقتبس من سيرته العطرة الدروس والعبر.
     
    أسلم هذا الصحابي سنة ثمان من الهجرة، وخاض عشرات المعارك.
     
    يقول عنه المؤرخون: لم يهزم في معركة قط لا في جاهلية ولا في إسلام، يقول عن نفسه: "لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقى في يدي إلا صفيحة يمانية". وهذا يدل على شجاعته الفائقة، وعلى القوة العظيمة التي ركبها الله في جسده، وكان قائدًا لجيش المسلمين في معركتي اليمامة واليرموك الشهيرتين، وقطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه، وكانت هذه من أعاجيب هذا القائد، وقد سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - سيف الله المسلول، وأخبر أنه: "سيف من سيوف الله سله الله على المشركين" والمنافقين، وقال عنه: "نعم عبدالله، وأخو العشيرة".
     
    إنه فارس الإسلام خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي المكي، وهو ابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث - رضي الله عنه -، كان رجلًا ضخمًا، عريض المنكبين، قوي البنية، أشبه الناس بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقد كان لهدا الصحابي مواقف عظيمة تدل على شجاعته ونصرته لهدا الدين، ومن هده المواقف غزوة مؤتة الشهيرة، وقد حدثت سنة ثمان من الهجرة في نفس السنة التي أسلم فيها خالد، وكان عدد جيش المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل، وعدد جيش الروم مائتي ألف مقاتل، ونظرًا لعدم تكافؤ العدد بين المسلمين وعدوهم، فقد ظهرت في هذه المعركة بطولات عظيمة للمسلمين، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - على جيش المسلمين زيد بن حارثة، فإن قتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعبدالله بن رواحة، وقد استشهد القادة في هذه المعركة، بعد ذلك أخذ الراية ثابت بن أقرم، وقال للمسلمين: أمروا عليكم رجلًا، فاختاروا خالد بن الوليد، وها ظهرت شجاعته العظيمة وعبقريته الفذة، فقام بإعادة ترتيب جيش المسلمين مرة ثانية، فجعل الميمنة ميسرة، والميسرة ميمنة، ثم جعل بعض الجيش يتأخر قليلًا، ثم بعد فترة يأتون على هيئة مدد، حتى يضعف من عزيمة العدو، ثم حمل المسلمين حملة عظيمة على الروم جعلتهم يتقهقرون وتضعف عزيمتهم، وأبدى - رضي الله عنه - من صنوف الشجاعة والبطولة ما تتقاصر عنه همم الأبطال، ثم إنه بحنكته وسياسته اتخذ طريقة محكمة في الانسحاب المنظم بالمسلمين، واكتفى بتلك الضربة، ورأى ألا يقحم المسلمين في معركة غير متكافئة، وقد سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك فتحًا، فقال عندما نعى القادة الثلاثة: "ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم".
     
    وقد شهد خالد حروب الردة، وغزا العراق، وقد اختلف أهل السير في أسباب عزل خالد - رضي الله عنه - عن قيادة جيش المسلمين في الشام، ولعل الصحيح ما نقل عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال "لا، لأنزعن خالدًا حتى يعلم الناس أن الله إنما ينصر دينه بغير خالد".
     
    ومن أقواله العظيمة أنه قال: "ما من ليلة يهدى إلي بعروس أنا لها محب أحب إلى من ليلة شديدة البرودة، كثيرة الجليد في سرية من المهاجرين، أصبح فيها العدو".
     
    وكتب رسالة إلى الفرس قال فيها: لقد جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحب فارس شرب الخمر.
     
    قال قيس بن أبي حارم: سمعت خالدًا وهو يقول: منعني الجهاد كثيرًا من تعلم القرآن الكريم.
     
    قال أبوالزناد: لما احتضر خالد جعل يبكي، وقال: لقد شهدت كذا وكذا من المعارك زحفًا، وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء"؛ لقد تمنى خالد الشهادة ونرجو أن الله بلغه إياها.
     
    روى مسلم في صحيحه من حديث سهل بن حنيف عن أبيه عن جده قال: "من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه".
     
    وعند وفاته لم يترك إلا فرسه وسلاحه وغلامه، جعلها في سبيل الله، فلما بلغ ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، قال: رحم الله أبا سليمان كان على ما ظننا به.
     
    وجاء في حديث عمر بن الخطاب في الزكاة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما خالد فإنكم تظلمون خالدًا قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله".
     
    وكانت وفاته سنة إحدى وعشرين من الهجرة في مدينة حمص الشامية وعمره آنذاك ثمانية وخمسون عامًا.
     
    رضي الله عن خالد وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وجمعنا به في دار كرامته، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 19 مايو 2024 - 13:29