الشام ماذاتكتب الأقلام ، وكيف يرتب الكلام ،
وماذا نقول في البداية والختام.
في دمشق الذكريات العلمية ، والوقفات الإسلامية ، والمآثر الأمويّة . وفيها يرقد ابن تيمية ، وابن قيم الجوزية . وصلاح الدين قاهر الصليبية..
تذكرك دمشق بمعاوية بن أبي سفيان ، وعبد الملك بن مروان ، وصلاح الدين وبني غسان ، والشعر والبيان ، والمجالس الحسان . دمشق سماء زرقاء ، وروضة خضراء ، وقصيدة عصماء ، وظل وماء ، وعلو وسناء ، وهمة شماء . ما أبقى لنا الشوق بقية لما سمعنا تلك القصيدة الشوقية ، في الروابي الدمشقية .
سلام من صبا نهر بردى أرق ....
ودمع لا يكفكف يا دمشق .....
في دمشق أكباد تخفق ، وأوراق تصفق ، ونهر يتدفق ، ودمع يترقرق ، وزهر يتشقق
دخلنا دمشق فاتحين ، وصعدنا رباها مسبحين . فدمشق في ضمائرنا كل حين . وهي غنية عن مدح المادحين . ولا يضرها قدح القادحين .
أنت يا دمشق سفر خلود ، وبيت جود ، يصنع على ثراك الأحرار ، وسحق على ترابك الاستعمار ، ويحبك يا دمشق الأخيار ، فأنت نعم الدار ، تقطع إليك من القلوب التذاكر ، من زارك عاد وهو شاكر ولأيامك ذاكر يكفيك تاريخ ابن عساكر ، صانك الله من كل كافر .
في دمشق روضة العلماء ، وزهد الأولياء ، وسحر الشعراء ، وحكمة أبي الدر داء ، وجفان الكرماء .
في دمشق براعة ابن كثير ، وعبقرية ابن الأثير ، وتحقيق النووي ، وفطنة ابن عبد القوي .
يكفيك أيها الشام السعيد أن فيك القائد الفريد ، والبطل السديد ، خالد بن الوليد سيف الله الهمام كاسر كل حسام .
نسى ابن كثير نفسه ، وملأ بالمدح طر سه ، عندما تحدث عن دمشق ، فقلمه بالثناء سبق ، وبالإطراء دفق ، وحار الحكماء في وصف دمشق وطيب هوائها ، وعذوبة مائها ، واعتدال أجوائها ، وذكاء علمائها ، وبلاغة خطبائها ، وتقدم شعرائها ، وعدل أمرائها ، وجمال نسائها ، حتى إن بعض العلماء ذكر أن دمشق أم البلدان ، وأنها في الدنيا جنة الجنان .
جنة الرحمن في الدنيا الشام الحسان.
دخل دمشق الصحابة ، كأنهم وبل سحابة ، أو أسد غابة ، فلقيتهم بالأحضان ، وفرشت لهم الأجفان ، فعاشوا على روابيها كالتيجان . في دمشق فنون وشجون ، وعيون ومتون ، وسهول وحزون ، وتين وزيتون ، دمشق جديدة كل يوم ، وهي حسناء في أعين القوم ، وقد بكى من فراقها ملك الروم .
إذا دخلت دمشق تتمايل أمامك السنابل ، وتتراقص في ناظريك الخمائل . وتصفق لقدومك الجداول دمشق أعيادها يوميّه ، وأطيافها سماوية ، وبسيوف أهلها وولاة أمرها محميّة
دمشق في الحسن مفرطة ، وبجواهر الجمال مقرطة .......
الجمال الدمشقي روضة من فيحاء ، وخميلة غناء ، وحبة خضراء ، وظل وماء ، والحب الدمشقي له من أشواق مسعفة ، وأحاسيس مرهفة ، وألمعية ومعرفة .
كتب ابن عساكر في دمشق تاريخ الرجال ، وسطر المزي في دمشق تهذيب الكمال، وألف الذهبي في دمشق ميزان الاعتدال ، واحتسب ابن تيميه في دمشق الرد على أهل الضلال ، وأرسل لنا المتنبئ من الشام تلك القصائد الطوال ، وذاك السحر الحلال .
في دمشق رسائل الياسمين ، ودفاتر اليقطين ، ومؤلفات النسرين ، للحمام بها رنين ، وللعندليب بها حنين كأنها تقول : ادخلوها بسلام آمنين . في الشام يرقد سيف الدولة الملك الهمام ،والأسد المسلم المقدام صلاح الدين الأيوبي وابن نباته خطيب الأنام ، وابن قدامة تاج الأعلام ، وأبو فراس الحمداني الشاعر المقدام . وفي دمشق سكن الزهري المحدث الشهير ، والأوزاعي العالم النحرير ، والبر زاني المؤرخ الكبير ، والسبكي القاضي الخطير .
أتانا من دمشق كتاب رياض الصالحين ، وكتاب روضة المحبين ، ونزهة المشتاقين ، وكتاب عمدة الطالبين ، وكتاب مدارج السالكين ، وكتاب أعلام الموقعين .
فسلام على دمشـق منكم في الآخـرين . .....